إثبات الجدارة وحده القادر على إثبات الذات .. لا يمكن لأحد أن يحس بوجود الريح ما لم تتحرك .. كما أن النار لا تعني شيئاً بلا دخان أو نور .. فالبعرة تدل على البعير والخطوة لا شك أنها إشارة على المسير .. غير أن ذلك قد لا يعني أن تكون لوجهة أو هدف .. إننا كأمة موجودون كتعداد رقمي مضاف إلى سكان الأرض .. إن آثارنا بارزة وظاهرة للعالم فنحن نستهلك ولا ننتج نستورد ولا نصدر، هذه وغيرها مؤشرات منطقية على وجودنا فوق هذا الكوكب الحي .
ولكن لنبتعد عن صيغ التشاؤم المهلكة للهمم والمميتة للعزائم ولنقل بأننا كنا في غفوة والآن نستجمع قوانا لنعيد صياغة التاريخ .. ليس الأمل وحده .. العمل المؤسس والتخطيط المستمر مع وضوح الهدف ، يحقق الأثر ويعلن عن الوجود المحسوس .. هذا كله لن يكون دون رغبة مورثة للعزيمة الدافعة للعمل ، ومن خلال هذه المعادلة نستنتج أن الغياب عن الساحة العالمية كحضارة مؤثرة فيمن حولها من الأمم والحضارات المعاصرة ناتج عن خلل في تطبيق ذلك القانون المنطقي لإثبات الوجود المؤثر .. حمراء الأسد يتجلى فيها دلالة الوجود المؤثر للقوة الإسلامية بقيادة نبوية حكيمة وفق خطة استراتيجية رسمت صورة القوة لدولة إسلامية لم تكن لتوجد على الخريطة العالمية لتمتد بعد ذلك كسحابة تظل العالم وتؤثر فيها بقطرات التأثير وزخات التغيير وتقف في شموخ نحو الأفق البعيد معلنة الهيمنة السمحة والقيادة الصالحة لعالم مضطرب .
القدرة على التواجد بحاجة إلى رغبة في ذلك الوجود والغياب دليل الرغبة عنه لا فيه .. إننا بحاجة لأن نستفيد من خبرات الغير إذا لم نكلف أنفسنا عناء التفكير الإيجابي لكي نكون أهلاً و نحسب على العالم .. يقول قائل : أنت تحجم من دور الأمة على كافة الأصعدة !!. أقول : وهل قصدت غير ذلك ؟ إن أمة حوت حضارة هيأت لها أسباب الوجود المثمر ومقومات التأثير من قيم وسلوك وسياسات ومواقف ونتاج أبهر حضارات زمن مضى أغفل بطوع إرادته دور فكره و ضل الطريق إلى حقيقة نفسه ومن هنا نجد أن غياب الأمة هي في غياب فردها فمتى ما أثبت الآحاد وجودهم كان للأمة وجود وهي حقيقة التكوين والتركيب التراكمي لأعداد الأفراد في أمة من الأمم لتكون .. وهكذا تتكون الأمم . دخلت أمتنا في زمن مضى غزت الأمم بأفراد كونوا للأمة وجوداً في أطراف أرض لم يكتشفها أحد من قبل .. أثبت وجودك لتوجد ..