حورية البحر Mermaid
تنتشر أساطير حوريات البحر وهي مخلوقات نصفها أنثوي بشري ونصفها الآخر سمكي في كل أنحاء العالم وهي قديمة بقدم التاريخ المدون وربما تكون قد نشأت أساطير حوريات البحر في أوروبا والشرق الأوسط في بابل القديمة حيث كانت تتم عبادة آلهة سمكية قوية ، وكان يتم الربط بين هذه الألهة والشمس والقمر فكانت تتمثل الشمس بالاله أووانس Oannes الذي هو إله له شكل بشري وقبعة بشكل سمكة ورداء مثل جلد السمك .
وفي الأساطير الكلدانية استبدل الإله أووانس بالإله إيا Ea وهو إله سمكي حقيقي نصفه رجل ونصفه سمكة والذي أصبح في النهاية حوري الماء في الفولكلور الأوروبي .
وفي الأساطير اليونانية كان هناك التريتون الذي كان أيضا إلها نصفه بشري ونصفه سممكي وكانت لديه القدرة على تهدئة البحار العاصفة والتحكم بالأمواج وكانت شقيقاته في الجو من نوع السيرانه sirens التي كان نصفها من الطيور ونصفها الآخر امرأة وكانت أغنياتها الجميلة تقود البحار إلى القدر المشؤوم وكان البطل الإغريقي أوديسيوس يواجه هذه السيرانة بحشو آذان ملاحيه بالشمع وربط نفسه بشراع المركب لمقاومة تأثير أغانيها هذا الغناء القاتل أرتبط أيضا منذ ذلك الوقت بحوريات البحر وتحول ليصبح فنا جميلا في الأغاني الفولكلورية الألمانية .
ويوحي قدم الأساطير المتعلقة بحوريات وحوريي البحر من الرجال بأنها مستمدة من ذاكرة زمن عاش فيه أجداد الجنس البشري في المرحلة المائية من الوجود لكن هذا لا يفسر المشاهد المزعومة التي حصلت مرارا عبر التاريخ حتى الزمن الحديث وإحدى النظريات تقوم بأن هذه المشاهد ليست سوى هلوسة راغبة في عقول البحارة المتعطشين للجنس الذين يتحملون رحلات بحرية تدوم في بعض الأحيان عدة أشهر وقد يكون من المهم ملاحظة أن المواجهات مع حوريات البحر توقفت كليا لدى توقف الإبحار الشراعي في البحر وحلول الإبحار البخاري مما خفض كثيرا من الوقت الذي يمضيه البحارة في البحر .
ولكن قد توجد أيضا تفسيرات طبيعية فغالبا ما كان يتم الربط بين حوريات البحر وحيوان الفقمة أو عجل البحر والاثنان يتواجدان في الأساطير في روح من الألفة والتجانس فالبحار المتعب والذي يتولى عملية المراقبة يمكن أن يخطئ ويعتبر الفقمة حورية بحر خاصة إذا كان رأسه مليئا بأقاصيص عن هذه الحوريات وخاصة أن صراخ الفقمة له صفة بشرية .
ولقد أبلغ كريستوفر كولومبوس في أول رحلة له إلى العالم الجديد عن مشاهدته لثلاث حوريات بحر تخرج من البحر عند شاطئ غويانا وما رآه كولومبوس حتما هو الدلفين أو خنزير البحر مما يعطينا دليلا آخرا على لغز حوريات البحر وفي بعض الأحيان يرى بعض البحارة في رحلاتهم في البحر مخلوقات بحرية معروفة لنا اليوم والتي لم تكن معروفة في الماضي ولأن هؤلاء البحارة لم يعرفوا ما كانوا يشاهدونه كانوا يصفون هذه المخلوقات بحوريات البحر .
وأحد الحيوانات التي أدت إلى قيام قصص حوريات البحر كان خروف البحر manatee الذي هو أحد ثدييات الماء التي تعيش في الشواطئ الاستوائية وطوله مترين ويمكنه الاستناد إلى ذنبه ويتخذ وقفة بشرية أو شبيهة بوقفة البشر ولهذا الحيوان شفة علوية قوية قادرة على تناول أعشاب الماء والبحر ولأنثى هذا الحيوان ثديين بارزين .
وهنالك مخلوق بحري آخر له مزايا مشابهة هو بقرة البحر أو بقرة ستلر البحرية المسماة كذلك تيمنا بالألماني ستلر الذي اكتشفها في سنة 1741 قرب جزيرة بيرينغ خلال بحثه عن طريق من سيبيريا إلى الاسكا وكانت هذه البقرة أكبر من خروف البحر وطولها تسعة أمتار وكان رأسها صغيرا ولها ذنب كبير شوكي ولقد لاحظ ستلر أن زوجين من هذا الحيوان تزوجا مثل البشر وقد رافق زواجهما الكثير من الحب واللهو ويمكن وبسبب كبر أو ضخامة هذه البقرة اعتبارها نوعا من البشر أو مخلوقا بشرية إذا تمت مشاهدتها عن بعد .
والخلط بين حيوان بقرة البحر وحورية البحر لم يدم طويلا لأنه ومع مجيء سنة 1768 تم القضاء على هذا الحيوان طلبا للحمه .